سورة النحل - تفسير تفسير ابن جزي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (النحل)


        


{أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ يَتَفَيَّأُ ظِلَالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمَائِلِ سُجَّدًا لِلَّهِ وَهُمْ دَاخِرُونَ (48)}
{أَوَلَمْ يَرَوْاْ إلى مَا خَلَقَ الله مِن شَيْءٍ يَتَفَيَّؤُاْ ظِلاَلُهُ} معنى الآية اعتبار بانتقال الظل، ويعني بقوله: ما خلق الله من شيء: الأجرام التي لها ظلال من الجبال والشجر والحيوان وغير ذلك، وذلك أن الشمس من وقت طلوعها إلى وقت الزوال يكون ظلها إلى جهة، ومن الزوال إلى الليل إلى جهة أخرى، ثم يمتدّ الظل ويعم بالليل إلى طلوع الشمس، وقوله: يتفيؤ من الفيء وهو الظل الذي يرجع، بعكس ما كان غدوة، وقال رؤبة بن العجاج: يقال بعد الزوال ظل وفيء، ولا يقال قبله إلا ظل، ففي لفظه: يتفيؤ هنا تجوز ما لوقوع الخصوص في موضع العموم، لأن المقصود الاعتبار من أول النهار إلى آخره، فوضع يتفيؤ موضع ينتقل أو يميل، والضمير في ظلاله يعود على ما أو على شيء {عَنِ اليمين والشمآئل} يعني عن الجانبين أي يرجع الظل من جانب إلى جانب، واليمين بمعنى الأيمان والشمائل، واستعار هنا الأيمان والشمائل للأجرام، فإن اليمين والشمائل إنما هما في الحقيقة للإنسان {سُجَّداً لِلَّهِ} حال من الظلال، وقال الزمخشري حال من الضمير في ظلاله، إذ هو بمعنى الجمع لأنه يعود على قوله: {مِن شَيْءٍ}، فعلى الأول يكون السجود من صفة الظلال، وعلى الثاني يكون من صفة الأجرام، واختلف في معنى هذا السجود فقيل عبر به عن الخضوع والانقياد، وقيل هو سجود حقيقة {وَهُمْ دَاخِرُونَ} أي صاغرون وجمع بالواو والنون لأن الدخور من أوصاف العقلاء.


{وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ دَابَّةٍ وَالْمَلَائِكَةُ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ (49) يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ (50)}
{وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السماوات وَمَا فِي الأرض مِن دَآبَّةٍ} يحتمل أن يكون من دابة بيان لما في السموات وما في الأرض معاً، لأن كل حيوان يصح أن يوصف بأنه يدب، ويحتمل أن يكون بياناً لما في الأرض خاصة وإنما قال: ما في السموات وما في الأرض ليعم العقلاء وغيرهم، ولو قال. من في السموات لم يدخل في ذلك غير العقلاء قال الزمخشري {والملائكة} إن كان قوله من دابة بياناً لما في السموات والأرض، فقد دخل الملائكة في ذلك، وكرر ذكرهم تخصيصاً لهم بالذكر وتشريفاً، وإن كان من دابة لما في الأرض خاصة فلم تدخل الملائكة في ذلك فعطفهم على ما قبلهم {يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِّن فَوْقِهِمْ} هذا إخبار عن الملائكة، وهو بيان نفي الاستكبار، ويحتمل أن يريد فوقية القدرة والعظمة أو يكون من المشكلات التي يمسك عن تأويلها، وقيل: معناه يخافون أن يرسل عليهم عذاباً من فوقهم.


{وَقَالَ اللَّهُ لَا تَتَّخِذُوا إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ (51)}
{وَقَالَ الله لاَ تَتَّخِذُواْ إلهين اثنين} وصف الإلهين باثنين تأكيداً وبياناً للمعنى وقيل: إن اثنين مفعول أول وإلهين مفعول ثاني، فلا يكون في الكلام تأكيد {فإياي فارهبون} خرج من الغيبة إلى التكلم، لأن الغائب هو المتكلم، وإياي مفعول بفعل مضمر، ولا يعمل فيه فارهبون لأنه قد أخذ معموله.

3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10